Hasil (
Bahasa Indonesia) 1:
[Salinan]Disalin!
المناظرة فن قديم يضرب بجذوره في أعماق التاريخ, فلطا لما أحب الإنسان عرض أفكاره على غيره، والدفاع عنها، فقد أرسى القرآن الكريم أركان هذا الفن مؤكدا أن المناظرة هي أرقى سبل الإقناع والمحاورة، كما قدم لنا نماذج رائعة في فن المناظرة كالحوار بين الله - عز وجل - وملائكته، وبين الأنبياء وأقوامهم، وبين الأب وابنه، وبين الأخ وأخيه.لم يكن عصر من العصور الإسلامية يخلو من وجود مناظرات ومحاورات ومناقشات وقد ازدهر هذا الفن، وبلغ ذروته في عصر نهضة العرب والمسلمين الحضارية. وكما اتضح في الفصل الأول عرفت المناظرة في الفلسفة اليونانية حيث أوجد (أرسطو) و(أفلاطون) على سبيل المثال لا الحصر ما عرف بطريقة الحوار، وترجمها العرب باسم (طوبيقا). والمناظرة فن أصيل في ثقافتنا العربية والإسلامية. وتُعرف المناظرات بمفهومها الحديث على أنها فن أدبي مشرقي الأصل، حيث كان للمشارقة الذين أبدعوا في هذا المجال السبق على غيرهم من العرب والمسلمين، وبلغت المناظرة أوج ازدهارها بعد ذلك في الأندلس معتمدة في ذلك على القرآن الكريم والأحاديث النبوية والتراث الأدبي القديم. أ. المناظرات في العصر العباسيازدهر فن المناظرة في العصر العباسي وأصبح من أهم الفنون النثرية التي كانت محل إعجاب ونالت تقدير الكثيرين على اختلاف طبقاتهم، إذ احتدمت المجادلات الكلامية الواقعة بين الفلاسفة والمفكرين والعلماء والفقهاء على اختلاف توجهاتهم في مختلف القضايا العلمية والمذهبية. وكانت هذه المناظرات تتم في إطار حلقات علمية مختلفة تنوعت مع تنوع فروع المعرفة المختلفة، كما كانت تتخذ صبغة المناقشات والحوارات المستفيضة، فكانت هناك حلقات للفقهاء والفلاسفة والمفسرين والشعراء والقصاص وأهل اللغة، وغيرهم. وكان المعتزلة أهم طوائف المتناظرين في العصر العباسي وكانوا حقا نخبة مثقفة متمرسة في استخدام أساليب الجدل والمناظرة، وامتازوا بمجادلة أصحاب الفرق الأخرى مما هيأ لظهور مناظرين كبار في شؤون الدين والعقل، وقد كان هذا العصر مسرحا للمناظرات في المسائل الكلامية والفلسفية، وقد شهد ألوانا رائعة من المناظرات، وفي طليعتها مناظرات موضع الجدل والأخذ والرد بين علماء الشيعة وعلماء السنة في مسألة الإمامة.ب. المناظرات في الأدب الأندلسيمما ساعد على رقي فن المناظرة في العصر الأندلسي وازدهاره الخلفية الثقافية وأثر المجالس الأدبية الأندلسية حيث تعلق عديد من أمراء الأندلس وحكامها بالمعرفة، ومشاركتهم في ميادين الثقافة، وتشجيعهم وإكبارهم للعلماء على اختلاف ميولهم، ومذاهبهم. ونذكر على سبيل المثال: مجالس المأمون التي اشتهرت بالمناظرات. ومن العوامل التي أدت إلى ازدهار المناظرات في الأندلس نذكر ما يلي: 1) الانفتاح على ثقافات أخرى، والتسامح الديني والتعايش بين معتنقي الأديان التوحيدية الثلاث الذي طبع الحياة في الأندلس، فقد كان المجتمع الأندلسي مزيجا متباينا من عناصر شتى تتلف في العرق والدين، وكان فيه العرب والبربر والإسبان والصقالبة.2) طبيعة الأندلس الساحرة، وأراضيها الخصبة، وأنهارها الجارية، ومناظرها الخلابة التي فتن بها الشعراء، وكانت مصدر إلهامهم ومحط إعجابهم، وقد وظف الأدباء المناظرة في التعبير عن شغفهم بالطبيعة. 3) التقاء الديانات السماوية الثلاث التي استقرت بالأندلس والتي ساهمت في إثراء التراث الجدلي الذي جمع بين أتباع هذه الديانات من مسلمين ونصارى ويهود، فأضحت المناظرة منهجا للدعوة إلى الله، والدفاع عن العقيدة الإسلامية.4) نشاط التيارات الفكرية والفلسفية الإسلامية والمذاهب الكلامية من فلاسفة وعلماء الكلام وفقهاء والفرق السياسية على اختلاف مذاهبهم، ومنها المذهب المالكي والشافعي والكوفي والشيعي، وغيرها من المذاهب الأخرى. 5) النزعة الوطنية عند أهل الأندلس حيث كانت المناظرات ميدانا خصبا لوصف جوانب حضارتهم، والتعبير عن التمسك بأصالتهم، والدعوة إلى الاهتمام بتاريخهم وثقافتهم وحضارتهم.
6) تأثر الأندلسيين بالمؤلفات العلمية والأدبية التي حملت إليهم من المشرق العربي، وشيوع الحرية الفكرية، والانفتاح على ثقافات الآخرين وعلومهم عن طريق الترجمة.
تعددت موضوعات المناظرة في الأدب الأندلسي وكانت تعبر عن البيئة التي نشأ فيها هذا الفن الأدبي فكانت مرآة تعكس الجوانب السياسية والثقافية والدينية التي سادت بلاد الأندلس آنذاك. من الموضوعات التي تناولها الأدباء الأندلسيون في مناظراتهم مناظرات بين الحكام وأفراد الرعية، ومناظرات الفقهاء والفلاسفة، والمناظرات التي جمعت بين العواطف الإنسانية كما عند ابن حزم، والمناظرات التي ترد على دعاة الفرقة ومثيري الفتن ولا سيما الشعوبية، بالإضافة إلى ذلك سار أدباء الأندلس على درب أسلافهم العباسيين فأبدعوا في المناظرات الخيالية كالمناظرات بين الأزهار والورود وبين المدن.
حسبنا أن نذكر هنا نموذجا راقيا ومتميزا للدلالة على الحركة الفكرية الحوارية الراقية التي شاعت في عهد الأندلس: ابن حزم الذي ناظر كثيرا من اليهود والنصارى والذي يعتبر من أبرز من أسهم في مجالات الحوار والجدال والتناظر.
Sedang diterjemahkan, harap tunggu..
